القائمة الرئيسية

الصفحات

الرأسمالية كنظام عالمي بين الترقيع الوهمي والغرق الحتمي


أسس النظام الراسمالي العالمي





لا يخفى علي أحد ما تعانيه البشرية اليوم من فقر وجوع وتشرد ، فنظرة بسيطة بين عناوين الصحف والتقارير الإقتصادية كافية لكشف حجم كارثة العجز والإحتياج ، فمِن الأزمات الإقتصادية إلي القروض الربوية إلي تضاعف نسب البطالة وتزايد عدد الفقراء ، كل هذه الكوارث تشير إلي مستقبل قاتم وأسود يبعث في الشباب الإحباط واليأس ما يؤدي بهم إلي الإنجرار نحو عالم الإجرام والفساد . ورغم الإتضاح التام لهذه الصورة المأساوية إلا أننا لم نلاحظ ، إلي هذه الساعة ، محاولة جدية في التغيير أو حلا جذريا يساعد علي الحد من نسب الفقر وإشباع الحاجيات الإساسية للناس ، فكل ما نراه من إجتماعات برلمانية ولقاءات صحفية يتوعد أصحابها الشعب بمستقبل أفضل ماهي إلا تسكين مؤقت لأوجاع الناس وتبقى المشكلة قائمة بل وفي تزايد متواصل . والسبب الرئيسي لكل هذا يعود إلي النظام الإقتصادي الذي تعتمده الدول ألا وهو النظام الرأسمالي ، ويعتمد هذا الأخير علي زيادة الإنتاج فقط ، والأساس فيه هو زيادة الدخل الأهلي ولا تعتبر ضمانة الحاجات الأساسية للإنسان أولوية في المبدأ الرأسمالي ولا أمرا جوهريا فيه . فهذا النظام المتوحش لا ينظر إلي الإنسان إلا گغنيمة تعمل لتُنتج ولا ينظر إلي أقلية الناس المحتاجة أو العاجزة علي ضمان غذائها ومسكنها وكسائها . إن كل هم هذا النظام القابع علي كاهلنا تحقيق المعادلة في الموازنات إما ميزان مدفوعات أو ميزان تجاري فٱزدهاره يكون بتحقيق المعادلة أي أن تربح الدولة وتزداد غنى ولا يهمها إن جاع الناس أو إحتاجوا .

حلوله الترقيعية وما انجر عنها

ومن أجل تغطية فساد هذا النظام وترقيعه ببعض الحلول الفاشلة حتي يتمكن من المواصلة ظهر ما يسمى بالصناديق الإجتماعية والتي يتم تجميعها أصلا من أموال الناس علي أساس أن النظام لا ينظر ولا يهتم إلا للذي يعمل ويدفع الضرائب ، فإذا زودت الدولة بالضرائب منت عليك هي ببعض الخدمات وسمٌتْگ ب "مواطن" وإذا كنت عاجزا أو غير قادر علي دفع الضرائب فأنت حينها محروم من كل "الحقوق" ، ثم تمٌ تدريجيا التفويت في هذه الصناديق الإجتماعية للخواص القادرين علي إنعاشها وجعلها مؤسسات مربحة . ومن خلال هذا المثال البسيط ، يبدو جليا عجز النظام الرأسمالي علي رعاية الناس المحتاجين وإهتمامه بأصحاب الشركات وأصحاب الأموال الذين يتم تمويلهم من الخارج من أجل خدمة مصالح شخصية .. أو سياسية بالأساس .. فقر وجوع وبطالة في صفوف أصحاب الشهائد العليا ، كل هذا ماهو إلا نتيجة لنظام فاسد لا يضع في أهدافه بناء شخصيات علي الصعيد العقلي والنفسي ، تبني وتنتج وتبدع بل كل همهم هو أن يجمعوا أكبر نسبة من العبيد في سوق النخاسة علي ذمة الشركات الناهبة التي تقوم لاحقا بالإختيار والغربلة وتأخذ ما يخدم مصالحها أما البقية فالدولة عاجزة علي ضمان الحاجات الأساسية لهم ما يدفع بالشباب إلي الهجرة الغير شرعية أو إلي عالم الإنحراف والرذيلة . هذا النظام الرأسمالي لا يعطي الحقوق والحريات التي يتحدثون عنها إلا لأصحاب القوة والمال والذكاء أو بالأحرى الخبث والدهاء ، فالمشكلة أن هذا النظام من أساسه لا يستطيع أن يرعى شؤون الناس ويوفر حاجاتهم الأساسية لأنه قام علي أساس خاطئ وفلسفة ( فكرة ) خاطئة وبدراسة خاطئة عن الإنسان گإنسان ، فالإنسان الذي خلقه ربه الحكيم العليم محتاج لأولويات أساسية معروفة ومعلومة أما هذا النظام فلا رعاهم ولا تركهم يأكلون من خشاش الارض ، وإعتقادنا بأن القروض الربوية والإصلاحات الهيكلية التي تُقام لترفيع ما في هذه الرأسمالية من فساد هو كمن يرى السراب ماء فالنظام الذي أقيم أصلا علي أفكار خاطئة كل ما ينبثق منه خاطئ وليس فيه خير لخير أمة أخرجت للناس . ومايزيد الطين بلة في هذا النظام الفاشل هو حرية السوق وحرية تنقل رأسمال فهو منبثق من مفاهيم الحريات الأربعة ومنها حرية الملكية . وفكرة حرية الملكية طرحها منظر الإقتصاد ٱدم سميث والتي ٱنبتت عليها الحرية الإقتصادية حيث يتم التركيز علي الخوصصة وإعطاء مزيد الحرية الإقتصادية لأصحاب الشركات والتفويت في المؤسسات العمومية لمصلحة الخواص المحليين والأجانب . النتيجة إذن رأسمالية متوحشة تحت سيطرة الإستثمار الأجنبي والشركات العالمية وتتحول بذلك البلاد إلي مجال للنهب العلني لثرواته وإستعبادا لأهله تحت رحمة الشركات العالمية يعمل فيها الإنسان ويشقى ، تُؤكل أمواله بالباطل وتبخس أشيائه تنقل ثرواته إلي الخارج أرباحا للشركات العالمية . هذا النظام هو الذي قسم العالم الي دول غنية تسرق الثروات وأخرى فقيرة مستغلة ومنهوبة إلي أقلية مالكة لرأسمال وأغلبية تعيش تحت ظل العبودية المقيتة ، حيث أصبح الإنسان عبدا لأصحاب الأموال..

نحن اليوم نحتاج لنظام ينظر للإنسان گإنسان نظاما يرتكز أساسا علي مفهوم الرعاية والحماية . فالإنسان يتطلب الأكل والشراب واللباس والسكن والتعليم والأمن وهذه هي مهمة الدولة في الحرص علي توفيرها لجميع الناس للذي يعمل ولا يعمل للعاجز والقادر للطفل والمرأة ..

{ ألا يعْلم من خـلق وهو اللطيف الخبير } .

عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه عز وجل أن قال : " يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فٱستهدوني ٱهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فٱستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فٱستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فٱستغفروني أعفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص من ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما أعمالكم أحصيها اكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " أخرجه مسلم في صحيحه

هذا الحديث يلخص الحل الأنسب والجذري للمشكلة الإقتصادية التي هي أصلا مشكلة إنسان هل ٱكتفى بحاجاته أم لا ؟ وليست مشكلة إنتاج ونمو او تحقيق ارباح مالية ضخمة دون النظر في مصلحة الناس وحاجاتهم.

نرجس الخياري
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات